وهبَ الله سبحانه وتعالى للجميع عقلاً ليستخدمه في كُلِّ ما هو نافع ومُفيد، الأمر الذي قاد الإنسان إلى تطوير حياته والارتقاء بها شيئاً فشيئاً إلى أن تصل إلى درجةٍ عاليةٍ جدَّاً من الرُّقي والرّاحة. وقد يستخدم الإنسان عقله في الشرِّ فيحصل العكس، فتتدمَّر حياته وتختلُّ توازناتها، ممّا يجعله غيرَ قادر على مُواكبة التطوّر بسبب انصراف نظره وفكره إلى توافه الأمور وشِرارها.
على امتداد خطّ التّاريخ الزمنيِّ استعمل الإنسان عقله في كلا الحالتين السابقتين؛ فاستعمله للأمور النّافعة في بعض الأحيان، واستعمله للأمور الضارَّة في أحيانٍ أُخرى، ممّا جعلَ الحياة تستفيد وتتطوَّر في أوقات، وتُهدم وتتحطَّم في أوقات أُخرى، وهذا جليٌّ وواضحٌ في العديد من الأحداث المُختلفة والمتنوّعة التي ظهرت وحدثت على امتداد التّاريخ.[١]
تأثير المخترعات على حياة الإنسانمن أبرز الأمور التي نفعت البشريّة في مُعظمها هي المُخترَعات؛ فالإنسان ومنذ أن خلقه الله تعالى وأعطاه الرّوح والعقل سعى على الدَّوام إلى تطوير نمط الحياة التي يحياها، فبدأ باستغلال واستثمار كلّ ما يجده حولَه في المكان الذي يقيم فيه؛ فصنع الأدوات البسيطة التي تُساعده على القيام بالأعمال التي يحتاجها ليستمرّ في العيش،[٢] ثُمَّ تطوَّر الأمر شيئاً فشيئاً إلى أن وصلت البشريّة إلى ما هي عليه في اليوم الحاليِّ من تقدُّمٍ في كافَّة المجالات وعلى كافَّة الأصعدة. وفيما يأتي بعض النّقاط التي تُبيّن أهميّة الاختراعات والتطوّرات التقنيّة التي شهدتها البشريّة:
توسّع تأثير المُخترعات ليشمل مُعظم جوانب حياة الإنسان،[٦] وعجز في الاستغناء عنها، فقد أصبحت جزءاً أساسياً ومهمّ في حياة الإنسان ومن الصّعب العيش دونها، وتركت المُخترعات أثرها في مجالات عدّة، كالطبّ، والزّراعة، والصّناعة، وفنّ العمارة، وغيرها ما لا يُعدّ ولا يُحصى.
في مجال الطبفحياة الإنسان تعتمد اعتماد كُلّي على علم الطبّ،[٧] وهذا يُفسِّر السّبب الرّئيس لدخول المُخترعات في هذا المجال؛ فبعد أن كانت بعض الأمراض يُستعصى علاجُها، باتت الآن جميع الأمراض بسيطة وغير قاتلة، ومثال على ذلك مرض الجدري الذي أصبح بالإمكان علاجه بمراهمَ خاصّة. ومن تأثيرات المُخترَعات في مجال الطبّ ما يأتي:[٨][٩]
الزّراعة نشاطٌ أساسيٌّ وُجد منذ زمن الإنسان الأوّلي،[١٠] فهي أفضل وسيلة يُمكن أن يستفيد الإنسان منها في إنتاج طعامه. فبعد أن كان الإنسان يستخدم أدوات بسيطة للحفر والزّراعة، وآليات بدائيّة للتنقُّل في البساتين والمزارع، أصبحت الآن العمليّة أسهل بكثير مع أدوات وآليّات تجعل عمليّة الزّراعة أكثر إنتاجاً، فيَستخدم المُزارع الآن مركبة الجرّار الزراعيّ بدلاً من الحمار، فأصبحت حراثة الأرض أكثر سهولةٍ من ذي قبل.
كان المُزارع فيما مضى يصنع الأسمدة يدويّاً، أمّا الآن أصبحت الأسمدة تُصنّع بمصانع مُتخصّصة تقوم على استخراج المواد الكيميائيّة التي تحتاجها النّباتات ومن ثم تحليلها وخلطها، لينتُج بعد ذلك أسمدة أكثر جودة من الأسمدة يدويّة الصُّنع وبأقل مجهود.[١١]
في مجال الصناعةفي القرون الماضية كانت الصّناعات جميعها يدويّة، من جمع المواد الأوّليّة إلى تغليف المُنتجات وإنتاجها. أما الآن، فقد أصبحت الصّناعات معظمُها (وإن لم يكن جميعها) آليّة؛ فقلّ دور الإنسان في المصانع، وأصبح يقتصر على برمجة الآلات، والتحقُّق من جودة المُنتجات، وفي أقصى الحالات تغليفها. فأحدث ذلك ثورة كبيرة في مجال الصّناعة، وأصبحت بعض المُنتجات أكثر سهولة وبأقلّ مجهود.[١٢]
في مجال الإتصالاتكان الإنسان الأوليّ يستخدم الحمام الزّاجل لإيصال الرّسائل على المسافات الطّويلة، وذلك عن طريق ربط الرّسالة بقدم الحمامة ومن ثمَّ تركها لتطير وتصِل للمُستقبِل، ولكن بعد ثورة الاتصالات في القرن العشرين واختراع الهاتف المحمول أصبح بإمكان أيّ شخص أن يتّصل بأيّ شخص في أيّ بُقعة في العالم في غضون ثوانٍ مَعدودة بالصّوت والصّورة.[١٣]
في مجال المواصلاتقبل أقل من قرن كانت وسيلة التنقُّل الأساسيّة هي الحصان أو الجَمل، وفي منتصف القرن العشرين بدأ اختراع السيّارات ومركبات التنقُّل الأُخرى التي سهّلت على الإنسان حياته بشكلٍ كبير، فلا يخلو منزل في المدينة من سيّارة واحدة على الأقل،[١٤] وفي حال عدم توفّرها تُستخدم الباصات أو القطارات، ولقد أثّر ذلك إيجابيّاً على إنتاجيّة الفرد.
المُخترعات على مرّ التاريختطوّرت المُخترعات على مرّ العصور في مُختلف الحضارات، حيث إنّها كانت تزدهر أحياناً، وتُهدَم في أحيانٍ أخرى. فعلى سبيل المثال، تمكّنت حضارة الفراعنة من الوصول إلى شتّى أنواع المُخترعات في مجال العلوم المُتنوّعة؛ فبرعوا في الطّب، والهندسة، والفيزياء، والكيمياء، وخصوصاً التّحنيط، إذ إنّهم يُعتبروا الأفضل على الإطلاق في التّحنيط إلى هذا اليوم، ولكن بعد سقوط حضارتهم ضاعت مُعظم اختراعاتهم وعلومهم التي وصلوا لها، وما زال علمهم بالتّحنيط لُغز حتى الآن.[١٥]
وفي العصور المُظلمة في أوروبا في القرون ما بين الخامس والخامس عشر تراجعت مُخترعات الحضارة الأوروبيّة إلى أن عادوا إلى حياة شبه بدائيّة، فلم تتعدّى مُخترعاتُهم بعض الحِرف اليدويّة.[١٦] ولكن في الفترة ذاتها، ازدهرت الدولة العباسيّة وتطوّرت مُخترعاتها تطوّراً ملحوظاً، فبرعوا في العلوم بأنواعها، كالطّب، والكيمياء، والفيزياء، والبصريّات، وغيرها الكثير من أنواع العلوم.[١٧]
واليوم وصلت المُخترعات إلى أعلى ما وصلته الإنسانيّة؛ فأصبح باستطاعة الإنسان الوصول إلى أي بقعة من بقاع الأرض في غضون ساعات بعد أن كانت الرّحلات البسيطة تستغرق أيّاماً في العصور الماضية، وأصبح أيضاً بإمكان أي شخص أن يتّصل بالصّوت والصّورة بأي شخص آخر في أيّ مكان في العالم بكل سهولة ويُسر.
المراجعالمقالات المتعلقة بأهمية المخترعات في حياتنا